إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

بدأت أطلب العلم هذه الأيام وعمري فوق الأربعين، فبماذا تنصحني؟/ لفضيلة الشيخ عبد الله البخاري-حفظه الله-


الشيخ الفاضل أحمد الزهراني-وفقه الله-: يقول: شيخنا-بارك الله فيكم ونفعنا بعلمكم-أنا بدأت أطلب العلم هذه الأيام وعمري فوق الأربعين، فبماذا تنصحني-أثابك الله-؟.

الجواب:
نسأل الله-جلَّ وعزَّ-له الثبات والإعانة، فيخلص لله-جلَّ وعز-ويجتهد ويثابر، فمن أخلص واستعان بالله-جلَّ وعز-أعانه وفهَّمه وألْهَمه وأرشده، وأعانه على كل ما هو مستغلق عليه، وليس ثمَّة ما يعيب.

فقد ذكر الإمام البخاري-رحمه الله-أنَّ أكثر الصحابة-أو كثير من الصحابة-طلبوا العلم وهم كبار، فلا ضير في هذا، يستعين، وعليه بِمَا ذكرنا من جمل الوصايا ويتدرَّج ويتعلَّم ويتفقَّه ولا حرج في هذا، بل هذا خير ومن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين.

نسأل الله أن يثبتنا وإياه على الحق[1].

الشيخ الفاضل أحمد الزهراني-وفقه الله-: بهذا القد نكتفي، وصلى الله على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

لسماع المادة الصوتية:

قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد
الثلاثاء الموافق: 28/ ذو الحجة/ 1433 للهجرة النوية الشريفة.


[1] لفضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحيم البخاري-حفظه الله-من شريط بعنوان: (رسالة إلى طالب العلم) من موقع الشيخ-حفظه الله-.            

«كل أحد وثلاثاء» الشيخ لزهر سنيقرة الجزائري يستكمل دروسه الأسبوعية في العاصمة الجزائرية

«كل أحد وثلاثاء» الشيخ لزهر سنيقرة الجزائري يستكمل دروسه الأسبوعية في العاصمة الجزائرية


«الورقات - الجزائر»: يسرنا أن نعلن لكم عن استكمال فضيلة الشيخ لزهر سنيقرة الجزائري - حفظه الله - دروسه الأسبوعية في العاصمة الجزائرية، وذلك اعتباراً من يوم الأحد 26/ذو الحجة/1433هـ الموافق لــ11/نوفمبر/2012، بعد صلاة المغرب، في مدينة «الجزائر» العاصمة، حي «الصنوبر البحري»، مسجد «القدس»، وبذلك يصبح جدول دروس الشيخ على النحو التالي:

م
اليوم
الكتاب
توقيت مكة
توقيت الجزائر
1
الأحد
التفسير 19:45 17:45
1
الثلاثاء
صحيح البخاري
19:45 17:45


ملاحظة:
  • قد ينقل الدرس عبر إذاعة التصفية والتربية العلمية [من هنا].

«الجمعة» محاضرة للشيخ صالح البكري اليافعي في مدينة «عدن» اليمنية

«الجمعة» محاضرة للشيخ صالح البكري اليافعي في مدينة «عدن» اليمنية


«الورقات - عدن»: موعدكم بمشيئة الله تعالى مع محاضرة شرعية في مدينة «عدن» اليمنية للشيخ صالح بن عبد الله البكري اليافعي حفظه الله يوم الجمعة 02/محرم/1434هـ الموافق لـ17/نوفمبر/2012، بعد صلاة المغرب في الساعة 17:30 بتوقيت السعودية واليمن، بمسجد «الإمام الشنقيطي رحمه الله»،في مديرية «كريتر» في مدينة «عدن» اليمنية
.








المصدر: أبو محمد المالكي، شبكة سحاب السلفية

الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

بين أهل السنة و الذين ينتقصون من أهمية علم الجرح و التعديل

بين أهل السنة و الذين ينتقصون من أهمية علم الجرح و التعديل

الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله وعلى آله و صحبه و من اتبع هداه أما بعد:
سئل الشيخ مقبل بن هادي الوادعي السؤال التالي :
لماذا اخترتم منهج الجرح والتعديل طريقاً مع أنه في نظر كثير من الدعاة والمصلحين يعدونه سبباً لتفكك الأمة وسبيلاً إلى بغظ من ينحوا هذا المنهج ؟

فأجاب رحمه الله تعالى الجواب التالي:
 الجرح و التعديل.mp3‏ (1.74 ميجابايت)
الملفات المرفقة الملفات المرفقة

التعيّير، تأمل و اعتبار. كلام نفيس لابن القيم رحمه الله.‎

التعيّير، تأمل و اعتبار. كلام نفيس لابن القيم رحمه الله.‎

قال ابن القيم رحمه الله

وقوله [وكل معصية عيّرت بها أخاك فهي إليك] 
يحتمل أن يريد به: أنها صائرة إليك، ولا بد أن تعملها، وهذا مأخوذ من الحديث الذي رواه الترمذي في جامعه - عن النبي صلى الله عليه و آله وسلم – (من عيّر أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله) .
قال الإمام أحمد في تفسير هذا الحديث "من ذنب قد تاب منه"
وأيضا ففي التعيير ضرب خفيٌ من الشماتة بالمعيَّر، وفي الترمذي أيضا مرفوعا (لا تُظهر الشماتة لأخيك فيعافيه الله ويبتليك).

ويحتمل أن يريد: أن تعييرك لأخيك بذنبه، أعظم إثما من ذنبه وأشد من معصيته، لما فيه من صولة الطاعة وتزكية النفس وشكرها والمناداة عليها بالبراءة من الذنب، وأن أخاك باء به ،ولعل كسرته بذنبه وما أحدث له من الذلة والخضوع، والإزراء على نفسه، والتخلص من مرض الدعوى، والكبر والعجب، ووقوفه بين يدي الله، ناكسَ الرأس، خاشعَ الطرف، منكسرَ القلب، أنفعُ له، وخيرٌ من صولة طاعتك، وتكثرك بها، و الإعتداد بها، والمنة على الله وخلقه بها، فما أقرب هذا العاصي من رحمة الله، وما أقرب هذا المدل من مقت الله، فذنب تَذل به لديه أحب إليه من طاعة تُدل بها عليه.
وإنك أن تبيت نائما، وتصبح نادما، خير من أن تبيت قائما وتصبح معجبا، فإن المعجب لا يصعد له عمل.
وإنك أن تضحك وأنت معترف، خير من أن تبكي وأنت مُدل، وأنين المذنبين أحب إلى الله من زجل المسبحين المُدلين.
ولعلّ الله أسقاه بهذا الذنب دواءً استخرج به داءً قاتلاً هو فيك ولا تشعر. 
فلله في أهل طاعته ومعصيته أسرار، لا يعلمها إلا هو ولا يطالعها إلا أهل البصائر، فيعرفون منها بقدر ما تناله معارف البشر، ووراء ذلك ما لا يطلع عليه الكرام الكاتبون.
و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم ( إذا زنت أمة أحدكم، فليقم عليها الحد ولا يُثّرب) أي لا يُعيّر، من قول يوسف عليه السلام لإخوته ( لا تثريب عليكم اليوم) فإن الميزان بيد الله، والحكم لله، فالسوط الذي ضُرب به هذا العاصي، بيد مقلب القلوب، والقصدُ إقامة الحد لا التعيير والتثريب.
ولا يأمن كرات القدر وسطوته إلا أهل الجهل بالله، وقد قال الله تعالى لأعلم الخلق به وأقربهم إليه وسيلة (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) وقال يوسف الصديق ( وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين).
وكانت عامة يمين رسول الله (لا ومقلب القلوب) ، وقال (ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن عز و جل، إن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه) ثم قال ( اللهم مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك).

من [مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد و إياك نستعين]ص(1/17)

مجالس الذكر


مجالس الذكر

إنَّ خيرَ المجالس وأزكاها وأشرفها وأعلاها قدراً عند الله وأجلَّها مكانةً عنده مجالسُ الذكر ، فهي حياة القلوب ونماءُ الإيمان وزكاءُ النفس وسبيلُ السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة ، ولهذا ورد في فضلها والحث على لزومها والترغيب في المحافظة عليها نصوصٌ كثيرةٌ في الكتاب والسنة ، مما يدلُّ على شريف قدر تلك المجالس ورفيع شأنها وعلوِّ مكانتها وأنّها خيرُ المجالس . 
إنّ مجالس الذكر هي رياض الجنة في الدنيا . فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا )) قَالُوا : وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ ؟ قَالَ : (( حِلَقُ الذِّكْرِ )) [1] ورواه ابن أبي الدنيا وغيره من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (( يا أيها الناس ارتعوا في رياض الجنة )) ، قلنا يا رسول الله وما رياض الجنة ؟ قال : ((مجالس الذكر)) [2]، ويروى أيضاً من حديث ابن عمر وأبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم ، وهو حسن بمجموع طرقه[3]فمن شاء أن يسكن رياض الجنة في الدنيا ، فليستوطن مجالس الذكر فإنها رياض الجنة . 
ومجالس الذكر هي مجالس الملائكة ، فإنه ليس من مجالس الدنيا مجلسٌ إلا مجلسٌ يُذكر اللهُ تعالى فيه ، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا : هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ ، قَالَ فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ : مَا يَقُولُ عِبَادِي ؟ قَالُوا يَقُولُونَ : يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ ، قَالَ فَيَقُولُ : هَلْ رَأَوْنِي ؟ قَالَ فَيَقُولُونَ : لَا وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ ، قَالَ : فَيَقُولُ وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي ؟ قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَتَحْمِيدًا وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا، قَالَ يَقُولُ : فَمَا يَسْأَلُونِي ؟ قَالَ يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ ، قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ يَقُولُونَ : لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا ، قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ يَقُولُونَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً ، قَالَ فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ ؟ قَالَ يَقُولُونَ : مِنْ النَّارِ ، قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ يَقُولُونَ : لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا ، قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً ، قَالَ فَيَقُولُ فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ ، قَالَ يَقُولُ مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ : فِيهِمْ فُلَانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ ، قَالَ هُمْ الْجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ )) [4].
فمجالس الذكر هي مجالس الملائكة بخلاف مجالس الغفلة واللهو والباطل فإنها مجالس الشياطين ، والله تعالى يقول: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } [الزخرف : 36] . 
إنَّ مجالس الذكر تؤمِّن العبد من الحسرة والندامة يوم القيامة بخلاف مجالس اللهو والغفلة فإنها تكون على صاحبها حسرةً وندامة ًيوم القيامة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ اللَّهِ تِرَةٌ ، وَمَنْ اضْطَجَعَ مَضْجَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ اللَّهِ تِرَةٌ))[5]أي نقص وتبعة وحسرة . 
ومن شرف مجالس الذكر وعلو مكانتها عند الله : أن الله عز وجل يباهي بالذاكرين الملائكة ، كما ثبت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : خَرَجَ مُعَاوِيَةُ عَلَى حَلْقَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَا أَجْلَسَكُمْ ؟ قَالُوا جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ ، قَالَ آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ ؟ قَالُوا وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ ، قَالَ أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ ، وَمَا كَانَ أَحَدٌ بِمَنْزِلَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَلَّ عَنْهُ حَدِيثًا مِنِّي ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ : (( مَا أَجْلَسَكُمْ ؟ )) قَالُوا جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا ، قَالَ : (( آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ ؟ )) قَالُوا وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ ، قَالَ : (( أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ ، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمْ الْمَلَائِكَةَ ))[6]
ومجالس الذكر سببٌ عظيم من أسباب حفظ اللسان وصونه عن الغيبة والنميمة والكذب والفحش والسخرية والباطل ، فإنَّ العبد لابدَّ له من أن يتكلم ، وما خلق اللسان إلا للكلام ، فإن لم يتكلم بذكر الله تعالى وذكر أوامره وبالخير والفائدة تكلم ولابد بهذه المحرمات أو ببعضها ، فمن عوَّد لسانه على ذكر الله صان لسانه عن الباطل واللغو ، ومن يَبُس لسانه عن ذكر الله نطق بكل باطلٍ ولغوٍ وفحش .
ومما ينبغي للمسلم أن يتفطن له في هذا المقام : أن ذكر الله تعالى لا يختص بالمجالس التي يذكر فيها اسم الله بالتسبيح والتكبير والتحميد ونحوه ، بل تشمل ما ذكر فيه أمر الله ونهيه وحلاله وحرامه وما يحبه ويرضاه ، بل إنه ربما كان هذا الذكر أنفع من ذلك ، لأن معرفة الحلال والحرام واجبة في الجملة على كل مسلم بحسب ما يتعلق به من ذلك ، وأما ذكر الله باللسان فأكثره يكون تطوعاً وقد يكون واجباً كالذكر في الصلوات المكتوبة ، وأما معرفة ما أمر الله به وما يحبه ويرضاه وما يكرهه فيجب على كل من احتاج إلى شيء من ذلك أن يتعلمه . 
ولهذا كان ابن مسعود رضي الله عنه إذا ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : ((رياض الجنة حلق الذكر )) يقول: " أما إني لا أعني القُصَّاص ولكن حلق الفقه " ، وروي عن أنس معناه . وقال عطاء الخرساني : " مجالس الذكر مجالس الحلال والحرام ،كيف تشتري وتبيع وتصلي وتصوم وتنكح وتطلق وأشباه هذا " ، وقال يحيى بن أبي كثير : "درس الفقه صلاة " ، وكان أبو السَّوَّار العدوي في حلقة يتذاكرون العلم ومعهم فتى شاب فقال لهم : قولوا سبحان الله والحمد لله ، فغضب أبو السوار ، وقال : ويحك في أي شيء كنا إذاً ؟! والآثار في هذا المعنى كثيرة .
ولهذا فإنَّ المعاقل العلمية والمؤسسات الشرعية كالجامعات الإسلامية والمعاهد الدينية ونحوها مما يعتنى فيها بتعليم الناس الشريعة وتفقيههم في دينهم وتبصيرهم بالحلال والحرام والحق والباطل والهدى والضلال وتتلى فيها آيات الله ويدرس فيها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وينشر فيها العلم ، هي بلا شك ولا ريب من مجالس الذكر التي يندب في الشريعة إلى الجلوس إليها والإفادة منها.بقلم :
فضيلة الشَّيخ الدكتور
عَبدُ الرزّاق بن عَبد المحسن البَدر 
حفظه الله

الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ

الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ. احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ. وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ، كان كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» رواه مسلم.

هذا الحديث اشتمل على أصول عظيمة وكلمات جامعة :
فمنها: إثبات المحبة صفة لله، وأنها متعلقة بمحبوباته وبمن قام بها ودل على أنها تتعلق بإرادته ومشيئته، وأيضا تتفاضل. فمحبته للمؤمن القوي أعظم من محبته للمؤمن الضعيف.

ودل الحديث على أن الإيمان يشمل العقائد القلبية، والأقوال والأفعال، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة ; فإن الإيمان بضع وسبعون شُعْبَةً، أَعْلَاهَا: قَوْلُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) وَأَدْنَاهَا: إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ منه. وهذه الشعب التي ترجع إلى الأعمال الباطنة والظاهرة كلها من الإيمان. فمن قام بها حق القيام، وكمل نفسه بالعلم النافع والعمل الصالح، وكمل غيره بالتواصي بالحق، والتواصي بالصبر: فهو المؤمن القوي الذي حاز أعلى مراتب الإيمان، ومن لم يصل إلى هذه المرتبة: فهو المؤمن الضعيف.
وهذا من أدلة السلف على أن الإيمان يزيد وينقص، وذلك بحسب علوم الإيمان ومعارفه، وبحسب أعماله.
وهذا الأصل قد دل عليه الكتاب والسنة في مواضع كثيرة.

ولما فاضل النبي صلى الله عليه وسلم بين المؤمنين قويهم وضعيفهم خشي من توهم القدح في المفضول، فقال: «وفي كل خير» وفي هذا الاحتراز فائدة نفيسة، وهي أن على من فاضل بين الأشخاص أو الأجناس أو الأعمال أن يذكر وجه التفضيل، وجهة التفضيل. ويحترز بذكر الفضل المشترك بين الفاضل والمفضول، لئلا يتطرق القدح إلى المفضول وكذلك في الجانب الآخر إذا ذكرت مراتب الشر والأشرار، وذكر التفاوت بينهما. فينبغي بعد ذلك أن يذكر القدر المشترك بينهما من أسباب الخير أو الشر. وهذا كثير في الكتاب والسنة.
وفي هذا الحديث: أن المؤمنين يتفاوتون في الخيرية، ومحبة الله والقيام بدينه وأنهم في ذلك درجات {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} [الأحقاف: 19]
ويجمعهم ثلاثة أقسام: السابقون إلى الخيرات، وهم الذين قاموا بالواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات، وفضول المباحات، وكملوا ما باشروه من الأعمال، واتصفوا بجميع صفات الكمال. ثم المقتصدون الذين اقتصروا على القيام بالواجبات وترك المحظورات، ثم الظالمون لأنفسهم، الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «احرص على ما ينفعك واستعن بالله» كلام جامع نافع، محتو على سعادة الدنيا والآخرة.
والأمور النافعة قسمان: أمور دينية، وأمور دنيوية.
والعبد محتاج إلى الدنيوية كما أنه محتاج إلى الدينية. فمدار سعادته وتوفيقه على الحرص والاجتهاد في الأمور النافعة منهما، مع الاستعانة بالله تعالى، فمتى حرص العبد على الأمور النافعة واجتهد فيها، وسلك أسبابها وطرقها، واستعان بربه في حصولها وتكميلها: كان ذلك كماله، وعنوان فلاحه. ومتى فاته واحد من هذه الأمور الثلاثة: فاته من الخير بحسبها.
فمن لم يكن حريصا على الأمور النافعة، بل كان كسلانا، لم يدرك شيئا. فالكسل هو أصل الخيبة والفشل. فالكسلان لا يدرك خيرا، ولا ينال مكرمة، ولا يحظى بدين ولا دنيا ومتى كان حريصا، ولكن على غير الأمور النافعة: إما على أمور ضارة، أو مفوتة للكمال كان ثمرة حرصه الخيبة، وفوات الخير، وحصول الشر والضرر، فكم من حريص على سلوك طرق وأحوال غير نافعة لم يستفد من حرصه إلا التعب والعناء والشقاء.
ثم إذا سلك العبد الطرق النافعة، وحرص عليها، واجتهد فيها: لم تتم له إلا بصدق اللجأ إلى الله ; والاستعانة به على إدراكها وتكميلها وأن لا يتكل على نفسه وحوله وقوته، بل يكون اعتماده التام بباطنه وظاهره على ربه. فبذلك تهون عليه المصاعب، وتتيسر له الأحوال، وتتم له النتائج والثمرات الطيبة في أمر الدين وأمر الدنيا، لكنه في هذه الأحوال محتاج – بل مضطر غاية الاضطرار – إلى معرفة الأمور التي ينبغي الحرص عليها، والجد في طلبها.
فالأمور النافعة في الدين ترجع إلى أمرين: علم نافع، وعمل صالح.

أما العلم النافع: فهو العلم المزكي للقلوب والأرواح، المثمر لسعادة الدارين. وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث وتفسير وفقه، وما يعين على ذلك من علوم العربية بحسب حالة الوقت والموضع الذي فيه الإنسان، وتعيين ذلك يختلف باختلاف الأحوال. والحالة التقريبية: أن يجتهد طالب العلم في حفظ مختصر من مختصرات الفن الذي يشتغل فيه. فإن تعذر أو تعسر عليه حفظه لفظا، فليكرره كثيرا، متدبرا لمعانيه، حتى ترسخ معانيه في قلبه. ثم تكون باقي كتب هذا الفن كالتفسير والتوضيح والتفريع لذلك الأصل الذي عرفه وأدركه، فإن الإنسان إذا حفظ الأصول وصار له ملكة تامة في معرفتها هانت عليه كتب الفن كلها: صغارها وكبارها. ومن ضيع الأصول حرم الوصول.
فمن حرص على هذا الذي ذكرناه، واستعان بالله: أعانه الله، وبارك في علمه، وطريقه الذي سلكه.
ومن سلك في طلب العلم غير هذه الطريقة النافعة: فاتت عليه الأوقات، ولم يدرك إلا العناء، كما هو معروف بالتجربة. والواقع يشهد به، فإن يسر الله له معلما يحسن طريقة التعليم، ومسالك التفهيم: تم له السبب الموصل إلى العلم.

وأما الأمر الثاني – وهو العمل الصالح (ماهيته) -: فهو الذي جمع الإخلاص لله، والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو التقرب إلى الله: باعتقاد ما يجب لله من صفات الكمال، وما يستحقه على عباده من العبودية، وتنزيهه عما لا يليق بجلاله، وتصديقه وتصديق رسوله في كل خبر أخبرا به عما مضى، وعما يستقبل عن الرسل، والكتب والملائكة، وأحوال الآخرة، والجنة والنار، والثواب والعقاب وغير ذلك. ثم يسعى في أداء ما فرضه الله على عباده: من حقوق الله، وحقوق خلقه ويكمل ذلك بالنوافل والتطوعات، خصوصا المؤكدة في أوقاتها، مستعينا بالله على فعلها، وعلى تحقيقها وتكميلها، وفعلها على وجه الإخلاص الذي لا يشوبه غرض من الأغراض النفسية. وكذلك يتقرب إلى الله بترك المحرمات، وخصوصا التي تدعو إليها النفوس، وتميل إليها. فيتقرب إلى ربه بتركها لله، كما يتقرب إليه بفعل المأمورات، فمتى وفق العبد بسلوك هذا الطريق في العمل، واستعان الله على ذلك أفلح ونجح. وكان كماله بحسب ما قام به من هذه الأمور، ونقصه بحسب ما فاته منها.

وأما الأمور النافعة في الدنيا: فالعبد لا بد له من طلب الرزق. فينبغي أن يسلك أنفع الأسباب الدنيوية اللائقة بحاله. وذلك يختلف باختلاف الناس، ويقصد بكسبه وسعيه القيام بواجب نفسه، وواجب من يعوله ومن يقوم بمؤنته، وينوي الكفاف والاستغناء بطلبه عن الخلق. وكذلك ينوي بسعيه وكسبه تحصيل ما تقوم به العبوديات المالية: من الزكاة والصدقة، والنفقات الخيرية الخاصة والعامة مما يتوقف على المال، ويقصد المكاسب الطيبة، متجنبا للمكاسب الخبيثة المحرمة. فمتى كان طلب العبد وسعيه في الدنيا لهذه المقاصد الجليلة، وسلك أنفع طريق يراه مناسبا لحاله كانت حركاته وسعيه قربة يتقرب إلى الله بها.
ومن تمام ذلك: أن لا يتكل العبد على حوله وقوته وذكائه ومعرفته، وحذقه بمعرفة الأسباب وإدارتها، بل يستعين بربه متوكلا عليه، راجيا منه أن ييسره لأيسر الأمور وأنجحها، وأقربها تحصيلا لمراده، ويسأل ربه أن يبارك له في رزقه: فأول بركة الرزق: أن يكون مؤسسا على التقوى والنية الصالحة. ومن بركة الرزق: أن يوفق العبد لوضعه في مواضعه الواجبة والمستحبة. ومن بركة الرزق: أن لا ينسى العبد الفضل في المعاملة، كما قال تعالى: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237] بالتيسير على الموسرين، وإنظار المعسرين، والمحاباة عند البيع والشراء، بما تيسر من قليل أو كثير، فبذلك ينال العبد خيرا كثيرا.

فإن قيل: أي المكاسب أولى وأفضل؟
قيل: قد اختلف أهل العلم في ذلك، فمنهم من فضل الزراعة والحراثة، ومنهم من فضل البيع والشراء، ومنهم من فضل القيام بالصناعات والحرف ونحوها. وكل منهم أدلى بحجته، ولكن هذا الحديث هو الفاصل للنزاع، وهو أنه صلى الله عليه وسلم قال: «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله» والنافع من ذلك معلوم أنه يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، فمنهم من تكون الحراثة والزراعة أفضل في حقه، ومنهم من يكون البيع والشراء والقيام بالصناعة التي يحسنها أفضل في حقه، فالأفضل من ذلك وغيره الأنفع.
فصلوات الله وسلامه على من أعطي جوامع الكلم ونوافعها.

ثم إنه صلى الله عليه وسلم حض على الرضى بقضاء الله وقدره، بعد بذل الجهد، واستفراغ الوسع في الحرص على النافع. فإذا أصاب العبد ما يكرهه، فلا ينسب ذلك إلى ترك بعض الأسباب التي يظن نفعها لو فعلها، بل يسكن إلى قضاء الله وقدره ليزداد إيمانه، ويسكن قلبه وتستريح نفسه ; فإن ” لو ” في هذه الحال تفتح عمل الشيطان بنقص إيمانه بالقدر، واعتراضه عليه، وفتح أبواب الهم والحزن المضعف للقلب. وهذه الحال التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم هي أعظم الطرق لراحة القلب، وأدعى لحصول القناعة والحياة الطيبة، وهو الحرص على الأمور النافعة، والاجتهاد في تحصيلها، والاستعانة بالله عليها، وشكر الله على ما يسره منها، والرضى عنه بما فات، ولم يحصل منها.
واعلم أن استعمال ” لو ” يختلف باختلاف ما قصد بها، فإن استعملت في هذه الحال التي لا يمكن استدراك الفائت فيها، فإنها تفتح على العبد عمل الشيطان، كما تقدم، وكذلك لو استعملت في تمني الشر والمعاصي فإنها مذمومة، وصاحبها آثم، ولو لم يباشر المعصية، فإنه تمنى حصولها.
وأما إذا استعملت في تمني الخير، أو في بيان العلم النافع، فإنها محمودة؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
وهذا الأصل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وهو الأمر بالحرص على الأمور النافعة، ومن لازمه اجتناب الأمور الضارة مع الاستعانة بالله يشمل استعماله والأمر به في الأمور الجزئية المختصة بالعبد ومتعلقاته، ويشمل الأمور الكلية المتعلقة بعموم الأمة. فعليهم جميعا أن يحرصوا على الأمور النافعة، وهي المصالح الكلية والاستعداد لأعدائهم بكل مستطاع مما يناسب الوقت، من القوة المعنوية والمادية، ويبذلوا غاية مقدورهم في ذلك، مستعينين بالله على تحقيقه وتكميله، ودفع جميع ما يضاد ذلك. وشرح هذه الجملة يطول وتفاصيلها معروفة.

وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بين الإيمان بالقضاء والقدر، والعمل بالأسباب النافعة، وهذان الأصلان دل عليهما الكتاب والسنة في مواضع كثيرة، ولا يتم الدين إلا بهما، بل لا تتم الأمور المقصودة كلها إلا بهما، لأن قوله «احرص على ما ينفعك» أمر بكل سبب ديني ودنيوي، بل أمر بالجد والاجتهاد فيه والحرص عليه، نية وهمة، فعلا وتدبيرا.
وقوله: «واستعن بالله» إيمان بالقضاء والقدر، وأمر بالتوكل على الله الذي هو الاعتماد التام على حوله وقوته تعالى في جلب المصالح ودفع المضار، مع الثقة التامة بالله في نجاح ذلك. فالمتبع للرسول صلى الله عليه وسلم يتعين عليه أن يتوكل على الله في أمر دينه ودنياه، وأن يقوم بكل سبب نافع بحسب قدرته وعلمه ومعرفته والله المستعان.

بقلم العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى

بيان هام من الشيخ سعيد رسلان حفظه الله

بيان هام من الشيخ سعيد رسلان حفظه الله

الحمدُ للهِ وكفَى، وسلامٌ علَى عِبادهِ الذينَ اصطفَى، وبعدُ:

فإنَّ جملةً مِنْ شيطانِ الإنسِ مِمَّن يحرِّفونَ الكَلِمَ عن مواضعِهِ, ويُنَزِّلونَهُ على غيرِ منازلِهِ, يُرَوِّجُونَ بينَ الناسِ منشورًا يزعمونَ فيهِ تراجعِي عن موقفِي مِنَ الإخوانِ المسلمينَ والسلفيينَ المنحرفينَ, وقدْ بَنَوا ذلكَ على تلبِيسِهِم على الناسِ في بيانٍ بَيَّنْتُ فيه موقِفِي مِنَ الفصائلِ الإسلاميةِ عامةً, ومِنَ الإخوانِ ومُدَّعِي السلفيةِ خاصةً, وهو الأمر بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ, فادعَوا توبةً وأوبَةً!!

ولا واللهِ لا أقبلُ الإخوانَ ولا مُدَّعِي السلفية - ما داموا على بدعِهِم - حتى تشربَ الأرضُ الدَّمَ.

وأنا في تقويمي لهم وبيان بدعِهِم وضلالاتِهِم أنفعُ لهم من آبائِهِم وأمهاتِهِم, ويجبُ عليهم - هُمْ - أنْ يتوبوا مِنْ غَيِّهِم, ويرجِعُوا عَنْ بَدَعِهِم, واللهُ تعالى بينِي وبينَهُم, وهو حَسْبِي ونِعْمَ الوكيل.

وكَتَبَ:

أبو عبد الله محمد بن سعيد بن رسلان

الاثنين: 20/ 12/ 1433هـ

5/11/2012م

الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ رسلان

الأحد، 21 أكتوبر 2012

شروط مشروعية الرقية (الشيخ فركوس الجزائري)


شروط مشروعية الرقية (الشيخ فركوس الجزائري)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اليكم الفتوى
في شروط مشروعية الرقية

السؤال:
نرجو من شيخنا أبي عبد المعزِّ حفظه الله أن يبيِّنَ لنا بعض شروط الرقية الشرعية؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فمشروعية الرقية تستوجب تحقيق معاييرَ معلومةٍ تظهر في الوجوه الآتية:
الوجه الأوَّل: تجريد الرقية من الشركيات، ويدلُّ عليه عمومُ الآيات والأحاديث الناهية عن الشرك بمختلف مظاهره، فضلاً عن حديث عوفِ بن مالكٍ الأشجعيِّ رضي الله عنه قال: «كُنَّا نَرْقِي فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ ! كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ ؟ فَقَالَ: اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لاَ بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ»(1). والعلماء يتَّفقون على أنَّ الشرك لا يجوز التداوي به، وإن تنازعوا في جواز التداوي بالمحرَّمات كالخمر والميتة والخنزير؛ ذلك لأنَّ الشِّرك محرَّمٌ في كلِّ حالٍ، ولا يصحُّ القياس على التكلُّم به عند الإكراه كما في قوله تعالى: ﴿إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ﴾ [النحل: 106] لظهور الفرق بينهما، إذ المقيسُ عليه إنما جاز للمكرَه المضطرِّ على القول مع اطمئنان قلبه بالإيمان، أي: أنَّ كلامه صدر منه وهو غيرُ راضٍ به، ولذلك عُفي عنه، ولم يؤاخَذْ به في أحكام الدنيا والآخرة؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «وُضِعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»(2).
وليس في أمر العلاج بالرقية الشِّركية ضرورةُ إكراهٍ، وعلى فرض التسليم فهو إكراهٌ على القول والفعل، أمَّا القول فلو لم يكن في قلبه زيغٌ لَمَا صار إليها؛ إذ إنَّ في الحقِّ ما يُغني عن الباطل، وأمَّا الفعل فمؤاخَذٌ به.
قال ابن القيِّم -رحمه الله-: «والفرق بين الأقوال والأفعال في الإكراه: أنَّ الأفعال إذا وقعتْ لم ترتفع مفسدتها، بل مفسدتُها معها، بخلاف الأقوال فإنها يمكن إلغاؤها، وجعْلُها بمنزلة النائم والمجنون، فمفسدةُ الفعل الذي لا يُباح بالإكراه ثابتةٌ بخلاف مفسدة القول، فإنها إنما تثبت إذا كان قائلُه عالِمًا به مختارًا له»(3).
ويقدح في القياس السابق من جهةٍ أخرى مقابلتُه للإجماع على عدم جواز التداوي بالشرك كما تقدَّم، و«كُلُّ قِيَاسٍ فِي مُقَابَلَةِ نَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ فَاسِدُ الاعْتِبَارِ»، كما هو مقرَّرٌ في القواعد.
الوجه الثاني: خلوُّ الممارِس للرقية -الراقي- من الصفات القادحة في الدِّين والعدالة، فلا يجوز طلبُ الرقية من ساحرٍ أو كاهنٍ أو عرَّافٍ أو منجِّمٍ أو رمَّالٍ أو نحوِهم ممَّن يدَّعون علْمَ شيءٍ من المغيَّبات؛ لِما في ذلك من المشابهة لحال الجاهلية، ولو قُدِّر أَنَّ عندهم رقيةً صحيحةً، إلاَّ أنه لا يُؤْمَن أن يخلطها بشيءٍ من السحر والكهانة والشعوذة، فيُمنع سدًّا للذريعة إلى المحرَّم، و«الأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى النَّظَرِ إِلَى المَآلِ»، ووسائل المحظور تفضي إليه.
وعملُ السحر حرامٌ، وهو من الكبائر بالإجماع(4)، لقوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوت﴾ [البقرة: 102]، وقوله تعالى: ﴿وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى﴾ [طه: 69].
فلو كانت في رقية الساحر منفعةٌ للناس لَما أمر الشارع بقتل الساحر، ولَما عَدَّ السِّحرَ من الموبِقات في قوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم:«اجْتَنِبُوا المُوبِقَاتِ: الشِّرْكُ بِاللهِ وَالسِّحْرُ..»(5)الحديث.
ولَمَّا كان محرَّمًا لم يجعلِ اللهُ شفاءَ أمَّته فيما حرَّم عليها بقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «يَا عِبَادَ اللهِ ! تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلاَّ وَضَعَ لَهُ شِفَاءً»(6)، وقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا، وَلاَ تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ»(7)، وفي حديثٍ: «إِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِي حَرَامٍ»(8).
ويدخل في النهي عن إتيانه للرقية كُلٌّ من: الكُهَّان والعرَّافين، ففي الحديث: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ، أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ»(9).
وقد أوضح ابنُ القيِّم -رحمه الله- أنَّ الكهنة رُسُلُ الشيطان حقيقةً، وأنَّ الناس قسمان: أتباع الكهنة، وأتباع رسل الله، فلا يجتمع في العبد أن يكون من هؤلاء وهؤلاء، بل يَبعُد عن الرسول صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بقدر قُربه من الكاهن، ويُكذِّب الرسول صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بقدر تصديقه للكاهن.
وَلَمَّا كان بين النوعين أعظمُ التضادِّ قال الرسول صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ»(10)(11). ويُلحق بهم كلُّ مشاركٍ لهم في المعنى ممَّن أتاهم فصدَّقهم فيما يقولون.
فالحاصل: أنَّ على الراقي أن يكون معروفًا بسلامة عقيدته، ولا تلازمه صفاتٌ قبيحةٌ شرعًا، وأن يكون ملتزمًا في الظاهر بالأمور الشرعية، وحتى تكون الرقية ناجعةً ينبغي أن يكون مستجمعًا لشرائط الدعاء، مع الحرص على الأكل الحلال، والحذر من المال الحرام أو المشتبه فيه؛ لأنَّ طِيبَ المطعم من أسباب قَبول الدعاء، وذكر النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ»(12)، ضِمْنَ توجُّهٍ قلبيٍّ قويٍّ إلى الله تعالى مليءٍ بالتقوى والتوكُّل والإخلاص.
وحقيقٌ بالتنبيه: أنَّ الراقيَ إذا كان مشغولاً بعلاجه للعليل، ولا يُستغنى عن تعاوُنه في الحال، أو يَخاف زيادةَ المرض أو بُطأَهُ وتأخيرَه، فهو معدودٌ في حكم المريض الذي يشقُّ عليه حضورُ صلاة الجماعة، ففي الحديث أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «الجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إِلاَّ أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ»(13).
الوجه الثالث: وضوح الرقية في عباراتها ومعانيها، وفي هيئاتها، أي: أن تكون صافيةً من كلِّ العبارات المَنْهِيِّ عنها، فلا تُشرع الرقية بعباراتٍ غيرِ مفهومةٍ أو غير معقولة المعنى خشيةَ تلبُّسِها واختلاطها بكلام أهل الباطل، والوقوعِ في مظنَّةِ الشِّرك وشَرَكِه الشيطانية، فإنَّ مِثْلَ هذا يفتح البابَ واسعًا لتسويغِ أعمالِ أهل الباطل من السحرة والكهنة والعرَّافين وأشباههم.
وقد نقل ابنُ حجرٍ إجماعَ العلماء على جواز الرقى عند تحقُّق اجتماع ثلاثة شروطٍ:
أ- أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته.
ب- أن تكون باللسان العربي، أو بما يُعرف معناه من غيره.
ج- أن يعتقد أنَّ الرقية لا تؤثِّر بذاتها، بل بتقدير الله تعالى(14).
فمن صفاء الرقية في عباراتها: أن تكون خاليةً من الكلام الشِّركي والألفاظ القبيحة الجارحة التي يتعرَّض فيها لأعراض المسلمين بالقدح واللعن والسبِّ والشتم ونحوها، سواءٌ كان مقصودُه الطعنَ في الجِنِّيِّ المتلبِّس أو استعمالَها بغرض العلاج؛ لأنَّ مثل هذا يُعَدُّ من التداوي المنهيِّ عنه بقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» الحديث(15)، والتداوي بالمنهيِّ عنه غيرُ جائزٍ كما تقدَّم.
وينبغي أن تكون هيئاتُها مباحةً، أي: لا يجوز أن يَرْقِيَ على وضعيةٍ منهيٍّ عنها يتقصَّدها، أو هيئةٍ مُحرَّمةٍ يأتي بها، فإنَّ ذلك يُمنع سدًّا لذريعة الشرك وأعمال الدجَّالين والمشعوذين وإخوانهم، مثل من يخصِّص الرقيةَ عند مكانٍ يُنهى عن الصلاة فيه كالمقبرة والحمَّام، أو يترصَّد زمنًا معيَّنًا كبروز القمر والنجوم على حالةٍ ما ليَرْقِيَ فيها المريض، أو يلطِّخ ذاتَه أو ذاتَ المسترقي بالنجاسات، أو يفرش أتربةَ أضرحةِ القبور قصْدَ الرقية عليها.
قال ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما في أناسٍ يكتبون أباجاد وينظرون في النجوم: «مَا أَدْرِي مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَهُ عِنْدَ اللهِ خَلاَقٌ؟!»(16).
أو على هيئةٍ تُكشَفُ فيها العوراتُ، أو يضع يدَه على الأجنبيات، ولو من وراء حائلٍ أو سِتارٍ، فيما لا تدعو الحاجة إليه في الأصل؛ ذلك لأنَّ الرقية بالمعوِّذات وغيرها من أسماء الله تعالى هي الطِّبُّ الروحانيُّ، فلا يُتطلَّب فيه لحصول الشفاء -بإذن الله- سوى صدقِ توجُّه المداوي، وقُوَّةِ قلبه بالتقوى والتوكُّلِ وسلامة القصد من العِلَلِ، على ما أفادتْه قصَّةُ المرأة السوداء رضي الله عنها التي كانت تُصرع وتتكشَّفُ، فسألت النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أن يدعوَ لها، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةَ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَكِ، فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللهَ لِي أَلاَّ أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا»(17).
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.
الجزائر: 05 جمادى الأولى 1418ه
الموافق ل: 07 سبتمبر 1997م

(1) أخرجه مسلم في «السلام» (2200) من حديث عوف بن مالكٍ الأشجعي رضي الله عنه.

(2) أخرجه ابن عديٍّ في «الكامل» (2/ 573) من حديث أبي بكرة بلفظ: «رَفَعَ اللهُ عَنْ هَذِهِ الأُمَّةِ ثَلاَثًا...». وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3/ 95)، والحاكم في «المستدرك» (2/ 19، والبيهقي في «سننه الكبرى» (7/ 356) من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما بلفظ: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي…». وفي لفظ ابن ماجه (1/ 659): «إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي…». وللحديث طرقٌ أخرى، منها حديث أبي ذر، وأبي هريرة، وأبي الدرداء، وابن عمر رضي الله عنهم.
قال السخاوي في «المقاصد الحسنة» (371): «ومجموع هذه الطرق يُظهر أنَّ للحديث أصلاً». وقد صحَّحه ابن حزمٍ في «الإحكام» (5/ 149)، وقال النووي في «الأربعين»: حديثٌ حسنٌ.
انظر: «نصب الراية» للزيلعي (2/ 64)، و«الدراية» (1/ 175)، «التلخيص» (1/ 281) كلاهما لابن حجر، «كشف الخفاء» للعجلوني (1/ 522)، «جامع العلوم والحكم» لابن رجب (350)، «إرواء الغليل» للألباني (1/ 123).

(3) «زاد المعاد» (5/ 205، 206).

(4) انظر نقل الإجماع في «الفتح» لابن حجر (10/ 224).

(5) متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري في «الطبِّ» باب: الشرك والسحر من الموبقات (5764)، ومسلم في «الإيمان» (89)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(6) أخرجه أحمد في «مسنده» (18456)، وأبو داود (2/ 396) والترمذي في «الطبِّ» باب ما جاء في الدواء والحثِّ عليه (203، من حديث أسامة بن شريكٍ رضي الله عنه، قال الترمذي: «هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ»، وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (2930)، وروى البخاري طرفًا منه في «الطبِّ» باب ما أنزل الله داءً إلاَّ أنزل له شفاءً (567 بلفظ: «مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(7) أخرجه أبو داود في «الطبِّ» بابٌ في الأدوية المكروهة (3874)، والبيهقي (19681)، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، وانظر «السلسلة الصحيحة» للألباني (4/ 174).

( أخرجه ابن حبَّان في «صحيحه» (1391) من حديث أمِّ سلمة رضي الله عنها، وبمعناه عند البخاري في «الأشربة» باب شراب الحلواء والعسل موقوفًا على ابن مسعودٍ رضي الله عنه، وحسَّنه الألباني لغيره في «التعليقات الحسان» (138.

(9) رواه البزَّار في «مسنده» (357، وذكره الهيثمي في «المجمع» (5/ 117)، وقال: «رواه البزَّار، ورجاله رجال الصحيح، خلا إسحاق بن ربيعٍ، وهو ثقةٌ»، وذكره المنذري من حديث عمران بن حصينٍ رضي الله عنه (4/ 52)، وله شاهدٌ من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما يرتقي به إلى درجة الحسن. انظر: «السلسلة الصحيحة» للألباني (5/ 22.

(10) ذكره الهيثمي في «المجمع» (5/ 11، وقال: «رواه البزَّار، ورجاله رجال الصحيح، خلا هبيرة بن مريم، وهو ثقةٌ»، والحديث صحَّحه الألباني في «صحيح الجامع الصغير» (5/ 223).

(11) «إغاثة اللهفان» لابن القيِّم (1/ 197).

(12) أخرجه مسلم في «الزكاة» (1015) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(13) أخرجه أبو داود في «الصلاة» باب الجمعة للمملوك والمرأة (1067) من حديث طارق بن شهابٍ رضي الله عنه، والحاكم في «مستدركه» (1062) من حديث طارق بن شهابٍ عن أبي موسى رضي الله عنهما، وصحَّح إسنادَه النووي، وقال الحافظ في «التلخيص» (2/ 63): «وصحَّحه غير واحدٍ»، وصحَّحه الألباني -أيضًا- في «الإرواء» (3/ 54).

(14) «فتح الباري» لابن حجر (10/ 195).

(15) أخرجه البخاري في «الحجِّ»، باب الخطبة أيَّامَ منى (1739) من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، ومسلم في «القسامة والمحاربين والقصاص والديات» (1679) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.

(16) أخرجه عبد الرزَّاق في «المصنَّف» (11/ 26)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (8/ 139).

(17) أخرجه البخاري في «المرضى» باب فضل من يُصرع من الريح (5652)، ومسلم في «البرِّ والصلة والآداب» (2576)، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما.
منقول من موقع الشيخ رفظه الله

هل يجوز توزيع اشرطة المخالف للسنة لغير الملتزمين


هل يجوز توزيع اشرطة المخالف للسنة لغير الملتزمين

سؤال موجه للشيخ مقبل رحمه الله وفيه نصيحة ثمينة لطالب العلم

هل يجوز توزيع أشرطة بعض المخالفين للسنة على سبيل الدعوة لغير الملتزمين إذا لم يكن في تلك الأشرطة مخالفة للسنة وكذا ما هو حكم بيع تلك الأشرطة ؟

تواضع الشيخ العلَّامة محمد أمان الجامي-رحمه الله-

تواضع الشيخ العلَّامة محمد أمان الجامي-رحمه الله-
في سؤال جيِّد وأنا أحب أن أقرأه على الشيخ، يقول: فضيلة الشيخ-حفظكم الله-، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرجو من فضيلتكم التعريف بنفسك، حيث يشهد الله يا شيخ أنِّي أحبكم في الله، ولكن لا أعرف عنكم إلَّا القليل، أرجو من الله ثمَّ منكم التكرُّم في التحدُّث ولو قليلًا عن ذلك وجزاكم الله خير الجزاء.

الشيخ العلَّامة محمد أمان الجامي-رحمه الله-:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

وبعد،

أمَّا التحدُّث عن نفسي فصعب جدًّا، لكنِّي أقول بالاختصار: أخوكم محمد أمان بن علي الجامي كنت أستاذًا مشاركًا في الجامعة الإسلامية ورئيس شعبة العقيدة في الدراسات العليا، وها أنا ذا كما ترون أحلت على التقاعد وتفرغت للعمل مع الشباب، حاليًا مدرِّس وموجِّه في المسجد النبوي، ولي دروس ومحاضرات في جدَّة، أعيش مع الشباب هذه المشاكل التي سمعتموها، هذا أنا ذا.
أسأل الله-تعالى-أن يوفقني وإياكم.

والأخ الذي طلب هذا الطلب أنا أشكره على هذا الشعور، وما ذكر بأنَّه يحب أن يعرف عنِّي الكثير، لكن أرجو أن لا يعرف أكثر من هذا، لأن الله-سبحانه وتعالى-هو الذي يعلم حقيقة العباد، ولا ينبغي لنا أن ندَّعي العلم أو العمل أو الدعوة، كل ذلك نتركه لله-سبحانه وتعالى-، الله هو العليم بحقيقة عباده.
لسماع المادة الصوتيَّة:


قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد
الأحد الموافق: 5/ ذو الحجة/ 1433 للهجرة النبوية الشريفة.

الاثنين، 15 أكتوبر 2012

اعتذار جريدة الأحرار للشيخ محمد سعيد رسلان

الحمدُ للهِ وكفَى، وسلامٌ علَى عِبادهِ الذينَ اصطفَى، وبعدُ:
فقدْ نَشَرَتْ جريدةُ الأحرارِ في عدَدِها السابقِ (7449) الصادرِ في يومِ الاثنينِ 8/10/2012م, حوارًا زَعَمَ مُحَرِّرُهَا (مصطفى زكريا) أنَّهُ أجرَاهُ معِي, ونَسَبَ إليَّ فيهِ كلامًا مِنْ كِيسِهِ, وكذبَ وافترَى, وزَعَمَ وادَّعَى ما لمْ يكُنْ مِنْهُ شيءٌ أصْلًا, وقدْ راجعتُ جريدةَ الأحرارِ في ذَلِكَ؛ فنشرُوا الاعتذارَ الآتي, وتَبَرَّءُوا مِنَ المُحَرِّرِ الذي اختلقَ ذلكَ الحوار, وأسألُ اللهَ أنْ يغفرَ لنَا وللمُحَرِّرِ وللمُسْلمينَ أجمعينَ. 
وصَلَّى اللهُ وسلَّمَ علَى نبِيِّنا مُحمَّد وعلَى آلهِ وصحبِهِ أجمعِينَ.
                                                              وكَتَبَ:
أبو عبد الله محمد بن سعيد بن رسلان
الاثنين: 29/ 11/ 1433هـ
          15/10/2012م

اعتذار جريدة الأحرار
اعتذار جريدة الأحرار

قرص "هذا بيان للناس" في التحذير من الصوفية وشركياتهم وبدعهم وبيان العقيدة الصحيحة

قرص "هذا بيان للناس" في التحذير من الصوفية وشركياتهم وبدعهم وبيان العقيدة الصحيحة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أما بعد :

فهذا قرص بعنوان ((هذا بيان للناس)) من إصدار مكتبة الإمام الوادعي السلفية بتريم من صوتيات وكتب العلماء وطلاب العلم من أهل السنة والجماعة في التحذير من الصوفية وشركياتهم وبدعهم وبيان العقيدة الصحيحة .. وهو شيء من جهود أهل السنة في وادي حضرموت وبالأخص في مدينة تريم (معقل التصوف في اليمن) في التحذير من هذا المنهج المنحرف ورموزه .

وقد تم توزيعه بحمد الله على نطاق واسع في تريم وما حولها وفي وادي حضرموت وخارجه ..

نسأل الله أن ينفع به وأن يجزئ إخواننا خير الجزاء ..

وهذه روابط القرص وقد تم تجزئته إلى سبعة أجزاء حجمها جميعا 648 ميقا يتم تحميلها جميعا في مكان واحد ثم فتح أحدها أو فك الضغط عنه . وإلى الروابط :
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث 
الجزء الرابع 
الجزء الخامسالجزء السادسالجزء السابع
نسأل الله التوفيق والسداد والحمد لله .
منقول من شبكة الإمام الآجري

مقال للشيخ صالح الفوزان : العقل ومدى حرية الرأي

مقال للشيخ صالح الفوزان : العقل ومدى حرية الرأي

الحمد لله الذي خلق الإنسان وميَّزه بالعقل من بين سائر المخلوقات ليميّز به بين الحق والباطل. وبين الضار والنافع.
فالعقل نعمة من الله منّ بها على هذا الإنسان. وسُمي عقلاً لأنه يعقل الإنسان عمَّا يضره مما لا يليق به، وسُمي حجراً كذلك قال تعالى: (هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ). أي ذي عقل يعرف عظمة هذا القسم الذي أقسم الله به في سورة الفجر.
ولكن هذا العقل محدود لا يدرك كل شيء. ولو كان العقل يدرك كل شيء لما احتجنا إلى بعثة الرسل وإنزال الكتب. وإنما العقل يدرك المضار والمنافع في الجملة. كما أن علم الإنسان محدود فهو لا يعلم إلا ما علّمه الله: (وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً)، وقال لنبيـــه: (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ)، وقالت الملائكة: (سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)، ويقول الأنبياء إذا جمعهم الله يوم القيامة وسألهم (مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ). ثم علم الإنسان قليل بالنسبة لما لا يعلمه قال تعالى: (وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً)، (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ)، وقال لنبيه: (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً).

ثم علم الإنسان على قلته مهدد بالزوال إما للعوارض التي تعرض له من الإعاقات المرضية وإما الخرف في نهاية العمر قال تعالى: (وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً). فعلم الإنسان له بداية ونهاية وله نهاية وهو فيما بين ذلك محدود قليل وهناك أشياء كثيرة في هذا الكون لا يعلمها الإنسان مهما أوتي من القدرة على الاكتشافات والاختراعات فهو لا يعلم ما في البر والبحر والجو والسماوات والأرض لا يعلمها إلا علاَّم الغيوب سبحانه وتعالى.
وأقرب شيء إلى الإنسان روحه التي يحيى بها ويتحرك ما دامت فيه، فإذا خرجت منه أصبح جثة هامدة لا حراك بها ولا إدراك فلا يعلم الإنسان حقيقة هذه الروح قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً). فالله هو الذي خلقها وهو الذي يوجدها في جسم الإنسان وهو الذي يقبضها في النوم وفي الموت، قال تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَليْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى)، ولا يستطيع مخلوق مهما أوتي من العلم بالطب أن يبقيها في الإنسان إذا حان أجله قال تعالى: (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ). فتقبض من بينهم ولا يستطيعون إرجاعها

واليوم نسمع من يعظّم من شأن ما يسمونه بالعلم الحديث ومنهم من يقدّمه على الوحي فما وافق العلم الحديث من الوحي صدقه وما خالفه كذبه أو أوّله بغير معناه الصحيح.
ومنهم من لا يؤمن من الأمور الغيبية إلا ما يصدّقه العلم الحديث وقد قال تعالى عن الأمم السابقة: (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون)،
وقد وجد الآن من يقدسون الرأي ويقولون بحرية الرأي ولم يعلموا أن هناك أشياء يجب فيها التسليم إذا جاء بها آية من القرآن أو حديث صحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم لأن هذا هو مقتضى الإيمان كما قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً). وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ). وقال عمر رضي الله عنه يا أيها الناس اتهموا الرأي في الدين فلو رأيتني يوم أبي جندل أن أرد أمر رسول الله وأجتهد ولا آلوا. وقال الإمام أحمد رحمه الله: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان. والله تعالى يقول: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).

وهناك أشياء لا مجال للرأي فيها مثل أمور العقائد وأمور العبادات وأمور الغيبيات وهناك أشياء يكون للرأي فيها مجال وذلك في أمور الأحكام الفقهية التي لا نص فيها بشرط أن يكون الرأي منطلقاً من ضوابط أصولية وضوابط اجتهادية ويكون صاحب الرأي مؤهلاً بها بشرط أن لا يخرج الرأي عن دائرة ما تحمله الأدلة من الكتاب والسنة. ومن لم يكن مؤهلاً بتلك الضوابط فلا مجال لرأيه ولا اعتبار له، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران. وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد”، والمراد بالحاكم الفقيه المؤهل. ولا يقبل من اجتهاده إلا ما أصاب فيه وهو ما يوافق الدليل وما أخطأ فيه لا يقبل ولو كان مأجوراً على اجتهاده ما دام ذلك في محيط الأدلة فما بالك بالرأي الذي يخترق الأدلة ويخترق مجالات الاجتهاد الشرعي ويُسمى بالرأي الحر، بل هناك آراء اخترقت جانب الرب سبحانه ونازعته في تدبيره وتشريعه. وهناك آراء اخترقت جانب النبي صلى الله عليه وسلم فعارضت أحاديثه التي لا توافق أهواءها. وقد قال تعالى: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ).
وقد قرأنا وسمعنا في هذه الأيام من ذلك الشيء الكثير من كتَّاب وكاتبات تبنوا الحرية في هذا المجال وعارضوا حد الردة محتجين بقوله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)، وعارضوا بذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “من بدل دينه فاقتلوه”، وغيره من الأحاديث الصحيحة ولم يعلموا أن قوله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)، المراد به الإكراه على الدخول في الدين. وأما الخروج منه فهو فساد يجب منعه لأن المرتد عرف الحق وقبله ثم تركه بعد معرفة فاستحق العقوبة لئلا يقتدى به غيره فيصبح الدين ملعبة للكفار كما قال تعالى: (وَقَالَت طَّآنئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) وقتل المرتد حد من حدود الله لا بد أن يُنفذ إذا توفرت شروط لا يجوز تعطيله، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها” وحد الردة أعظم من حد السرقة.

إن الإنسان عبد لله، فليس هناك حرية مطلقة إلا عند الملاحدة، ثم هم ليسوا أحراراً لأنهم يكونون عبيداً لأهوائهم وشهواتهم، فمن لم يكن عبداً لله صار عبداً للشيطان، كما قال ابن القيم رحمه الله:

هربوا من الرق الذي خلقوا له فبلوا برق النفس والشيطان

هدانا الله صراط المستقيم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.



كتبه

صالح بن فوزان الفوزان

عضو هيئة كبار العلماء

13-07-1433هـ