إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

بدأت أطلب العلم هذه الأيام وعمري فوق الأربعين، فبماذا تنصحني؟/ لفضيلة الشيخ عبد الله البخاري-حفظه الله-


الشيخ الفاضل أحمد الزهراني-وفقه الله-: يقول: شيخنا-بارك الله فيكم ونفعنا بعلمكم-أنا بدأت أطلب العلم هذه الأيام وعمري فوق الأربعين، فبماذا تنصحني-أثابك الله-؟.

الجواب:
نسأل الله-جلَّ وعزَّ-له الثبات والإعانة، فيخلص لله-جلَّ وعز-ويجتهد ويثابر، فمن أخلص واستعان بالله-جلَّ وعز-أعانه وفهَّمه وألْهَمه وأرشده، وأعانه على كل ما هو مستغلق عليه، وليس ثمَّة ما يعيب.

فقد ذكر الإمام البخاري-رحمه الله-أنَّ أكثر الصحابة-أو كثير من الصحابة-طلبوا العلم وهم كبار، فلا ضير في هذا، يستعين، وعليه بِمَا ذكرنا من جمل الوصايا ويتدرَّج ويتعلَّم ويتفقَّه ولا حرج في هذا، بل هذا خير ومن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين.

نسأل الله أن يثبتنا وإياه على الحق[1].

الشيخ الفاضل أحمد الزهراني-وفقه الله-: بهذا القد نكتفي، وصلى الله على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

لسماع المادة الصوتية:

قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد
الثلاثاء الموافق: 28/ ذو الحجة/ 1433 للهجرة النوية الشريفة.


[1] لفضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحيم البخاري-حفظه الله-من شريط بعنوان: (رسالة إلى طالب العلم) من موقع الشيخ-حفظه الله-.            

«كل أحد وثلاثاء» الشيخ لزهر سنيقرة الجزائري يستكمل دروسه الأسبوعية في العاصمة الجزائرية

«كل أحد وثلاثاء» الشيخ لزهر سنيقرة الجزائري يستكمل دروسه الأسبوعية في العاصمة الجزائرية


«الورقات - الجزائر»: يسرنا أن نعلن لكم عن استكمال فضيلة الشيخ لزهر سنيقرة الجزائري - حفظه الله - دروسه الأسبوعية في العاصمة الجزائرية، وذلك اعتباراً من يوم الأحد 26/ذو الحجة/1433هـ الموافق لــ11/نوفمبر/2012، بعد صلاة المغرب، في مدينة «الجزائر» العاصمة، حي «الصنوبر البحري»، مسجد «القدس»، وبذلك يصبح جدول دروس الشيخ على النحو التالي:

م
اليوم
الكتاب
توقيت مكة
توقيت الجزائر
1
الأحد
التفسير 19:45 17:45
1
الثلاثاء
صحيح البخاري
19:45 17:45


ملاحظة:
  • قد ينقل الدرس عبر إذاعة التصفية والتربية العلمية [من هنا].

«الجمعة» محاضرة للشيخ صالح البكري اليافعي في مدينة «عدن» اليمنية

«الجمعة» محاضرة للشيخ صالح البكري اليافعي في مدينة «عدن» اليمنية


«الورقات - عدن»: موعدكم بمشيئة الله تعالى مع محاضرة شرعية في مدينة «عدن» اليمنية للشيخ صالح بن عبد الله البكري اليافعي حفظه الله يوم الجمعة 02/محرم/1434هـ الموافق لـ17/نوفمبر/2012، بعد صلاة المغرب في الساعة 17:30 بتوقيت السعودية واليمن، بمسجد «الإمام الشنقيطي رحمه الله»،في مديرية «كريتر» في مدينة «عدن» اليمنية
.








المصدر: أبو محمد المالكي، شبكة سحاب السلفية

الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

بين أهل السنة و الذين ينتقصون من أهمية علم الجرح و التعديل

بين أهل السنة و الذين ينتقصون من أهمية علم الجرح و التعديل

الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله وعلى آله و صحبه و من اتبع هداه أما بعد:
سئل الشيخ مقبل بن هادي الوادعي السؤال التالي :
لماذا اخترتم منهج الجرح والتعديل طريقاً مع أنه في نظر كثير من الدعاة والمصلحين يعدونه سبباً لتفكك الأمة وسبيلاً إلى بغظ من ينحوا هذا المنهج ؟

فأجاب رحمه الله تعالى الجواب التالي:
 الجرح و التعديل.mp3‏ (1.74 ميجابايت)
الملفات المرفقة الملفات المرفقة

التعيّير، تأمل و اعتبار. كلام نفيس لابن القيم رحمه الله.‎

التعيّير، تأمل و اعتبار. كلام نفيس لابن القيم رحمه الله.‎

قال ابن القيم رحمه الله

وقوله [وكل معصية عيّرت بها أخاك فهي إليك] 
يحتمل أن يريد به: أنها صائرة إليك، ولا بد أن تعملها، وهذا مأخوذ من الحديث الذي رواه الترمذي في جامعه - عن النبي صلى الله عليه و آله وسلم – (من عيّر أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله) .
قال الإمام أحمد في تفسير هذا الحديث "من ذنب قد تاب منه"
وأيضا ففي التعيير ضرب خفيٌ من الشماتة بالمعيَّر، وفي الترمذي أيضا مرفوعا (لا تُظهر الشماتة لأخيك فيعافيه الله ويبتليك).

ويحتمل أن يريد: أن تعييرك لأخيك بذنبه، أعظم إثما من ذنبه وأشد من معصيته، لما فيه من صولة الطاعة وتزكية النفس وشكرها والمناداة عليها بالبراءة من الذنب، وأن أخاك باء به ،ولعل كسرته بذنبه وما أحدث له من الذلة والخضوع، والإزراء على نفسه، والتخلص من مرض الدعوى، والكبر والعجب، ووقوفه بين يدي الله، ناكسَ الرأس، خاشعَ الطرف، منكسرَ القلب، أنفعُ له، وخيرٌ من صولة طاعتك، وتكثرك بها، و الإعتداد بها، والمنة على الله وخلقه بها، فما أقرب هذا العاصي من رحمة الله، وما أقرب هذا المدل من مقت الله، فذنب تَذل به لديه أحب إليه من طاعة تُدل بها عليه.
وإنك أن تبيت نائما، وتصبح نادما، خير من أن تبيت قائما وتصبح معجبا، فإن المعجب لا يصعد له عمل.
وإنك أن تضحك وأنت معترف، خير من أن تبكي وأنت مُدل، وأنين المذنبين أحب إلى الله من زجل المسبحين المُدلين.
ولعلّ الله أسقاه بهذا الذنب دواءً استخرج به داءً قاتلاً هو فيك ولا تشعر. 
فلله في أهل طاعته ومعصيته أسرار، لا يعلمها إلا هو ولا يطالعها إلا أهل البصائر، فيعرفون منها بقدر ما تناله معارف البشر، ووراء ذلك ما لا يطلع عليه الكرام الكاتبون.
و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم ( إذا زنت أمة أحدكم، فليقم عليها الحد ولا يُثّرب) أي لا يُعيّر، من قول يوسف عليه السلام لإخوته ( لا تثريب عليكم اليوم) فإن الميزان بيد الله، والحكم لله، فالسوط الذي ضُرب به هذا العاصي، بيد مقلب القلوب، والقصدُ إقامة الحد لا التعيير والتثريب.
ولا يأمن كرات القدر وسطوته إلا أهل الجهل بالله، وقد قال الله تعالى لأعلم الخلق به وأقربهم إليه وسيلة (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) وقال يوسف الصديق ( وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين).
وكانت عامة يمين رسول الله (لا ومقلب القلوب) ، وقال (ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن عز و جل، إن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه) ثم قال ( اللهم مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك).

من [مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد و إياك نستعين]ص(1/17)

مجالس الذكر


مجالس الذكر

إنَّ خيرَ المجالس وأزكاها وأشرفها وأعلاها قدراً عند الله وأجلَّها مكانةً عنده مجالسُ الذكر ، فهي حياة القلوب ونماءُ الإيمان وزكاءُ النفس وسبيلُ السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة ، ولهذا ورد في فضلها والحث على لزومها والترغيب في المحافظة عليها نصوصٌ كثيرةٌ في الكتاب والسنة ، مما يدلُّ على شريف قدر تلك المجالس ورفيع شأنها وعلوِّ مكانتها وأنّها خيرُ المجالس . 
إنّ مجالس الذكر هي رياض الجنة في الدنيا . فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا )) قَالُوا : وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ ؟ قَالَ : (( حِلَقُ الذِّكْرِ )) [1] ورواه ابن أبي الدنيا وغيره من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (( يا أيها الناس ارتعوا في رياض الجنة )) ، قلنا يا رسول الله وما رياض الجنة ؟ قال : ((مجالس الذكر)) [2]، ويروى أيضاً من حديث ابن عمر وأبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم ، وهو حسن بمجموع طرقه[3]فمن شاء أن يسكن رياض الجنة في الدنيا ، فليستوطن مجالس الذكر فإنها رياض الجنة . 
ومجالس الذكر هي مجالس الملائكة ، فإنه ليس من مجالس الدنيا مجلسٌ إلا مجلسٌ يُذكر اللهُ تعالى فيه ، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا : هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ ، قَالَ فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ : مَا يَقُولُ عِبَادِي ؟ قَالُوا يَقُولُونَ : يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ ، قَالَ فَيَقُولُ : هَلْ رَأَوْنِي ؟ قَالَ فَيَقُولُونَ : لَا وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ ، قَالَ : فَيَقُولُ وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي ؟ قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَتَحْمِيدًا وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا، قَالَ يَقُولُ : فَمَا يَسْأَلُونِي ؟ قَالَ يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ ، قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ يَقُولُونَ : لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا ، قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ يَقُولُونَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً ، قَالَ فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ ؟ قَالَ يَقُولُونَ : مِنْ النَّارِ ، قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ يَقُولُونَ : لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا ، قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً ، قَالَ فَيَقُولُ فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ ، قَالَ يَقُولُ مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ : فِيهِمْ فُلَانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ ، قَالَ هُمْ الْجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ )) [4].
فمجالس الذكر هي مجالس الملائكة بخلاف مجالس الغفلة واللهو والباطل فإنها مجالس الشياطين ، والله تعالى يقول: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } [الزخرف : 36] . 
إنَّ مجالس الذكر تؤمِّن العبد من الحسرة والندامة يوم القيامة بخلاف مجالس اللهو والغفلة فإنها تكون على صاحبها حسرةً وندامة ًيوم القيامة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ اللَّهِ تِرَةٌ ، وَمَنْ اضْطَجَعَ مَضْجَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ اللَّهِ تِرَةٌ))[5]أي نقص وتبعة وحسرة . 
ومن شرف مجالس الذكر وعلو مكانتها عند الله : أن الله عز وجل يباهي بالذاكرين الملائكة ، كما ثبت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : خَرَجَ مُعَاوِيَةُ عَلَى حَلْقَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَا أَجْلَسَكُمْ ؟ قَالُوا جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ ، قَالَ آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ ؟ قَالُوا وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ ، قَالَ أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ ، وَمَا كَانَ أَحَدٌ بِمَنْزِلَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَلَّ عَنْهُ حَدِيثًا مِنِّي ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ : (( مَا أَجْلَسَكُمْ ؟ )) قَالُوا جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا ، قَالَ : (( آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ ؟ )) قَالُوا وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ ، قَالَ : (( أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ ، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمْ الْمَلَائِكَةَ ))[6]
ومجالس الذكر سببٌ عظيم من أسباب حفظ اللسان وصونه عن الغيبة والنميمة والكذب والفحش والسخرية والباطل ، فإنَّ العبد لابدَّ له من أن يتكلم ، وما خلق اللسان إلا للكلام ، فإن لم يتكلم بذكر الله تعالى وذكر أوامره وبالخير والفائدة تكلم ولابد بهذه المحرمات أو ببعضها ، فمن عوَّد لسانه على ذكر الله صان لسانه عن الباطل واللغو ، ومن يَبُس لسانه عن ذكر الله نطق بكل باطلٍ ولغوٍ وفحش .
ومما ينبغي للمسلم أن يتفطن له في هذا المقام : أن ذكر الله تعالى لا يختص بالمجالس التي يذكر فيها اسم الله بالتسبيح والتكبير والتحميد ونحوه ، بل تشمل ما ذكر فيه أمر الله ونهيه وحلاله وحرامه وما يحبه ويرضاه ، بل إنه ربما كان هذا الذكر أنفع من ذلك ، لأن معرفة الحلال والحرام واجبة في الجملة على كل مسلم بحسب ما يتعلق به من ذلك ، وأما ذكر الله باللسان فأكثره يكون تطوعاً وقد يكون واجباً كالذكر في الصلوات المكتوبة ، وأما معرفة ما أمر الله به وما يحبه ويرضاه وما يكرهه فيجب على كل من احتاج إلى شيء من ذلك أن يتعلمه . 
ولهذا كان ابن مسعود رضي الله عنه إذا ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : ((رياض الجنة حلق الذكر )) يقول: " أما إني لا أعني القُصَّاص ولكن حلق الفقه " ، وروي عن أنس معناه . وقال عطاء الخرساني : " مجالس الذكر مجالس الحلال والحرام ،كيف تشتري وتبيع وتصلي وتصوم وتنكح وتطلق وأشباه هذا " ، وقال يحيى بن أبي كثير : "درس الفقه صلاة " ، وكان أبو السَّوَّار العدوي في حلقة يتذاكرون العلم ومعهم فتى شاب فقال لهم : قولوا سبحان الله والحمد لله ، فغضب أبو السوار ، وقال : ويحك في أي شيء كنا إذاً ؟! والآثار في هذا المعنى كثيرة .
ولهذا فإنَّ المعاقل العلمية والمؤسسات الشرعية كالجامعات الإسلامية والمعاهد الدينية ونحوها مما يعتنى فيها بتعليم الناس الشريعة وتفقيههم في دينهم وتبصيرهم بالحلال والحرام والحق والباطل والهدى والضلال وتتلى فيها آيات الله ويدرس فيها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وينشر فيها العلم ، هي بلا شك ولا ريب من مجالس الذكر التي يندب في الشريعة إلى الجلوس إليها والإفادة منها.بقلم :
فضيلة الشَّيخ الدكتور
عَبدُ الرزّاق بن عَبد المحسن البَدر 
حفظه الله

الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ

الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ. احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ. وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ، كان كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» رواه مسلم.

هذا الحديث اشتمل على أصول عظيمة وكلمات جامعة :
فمنها: إثبات المحبة صفة لله، وأنها متعلقة بمحبوباته وبمن قام بها ودل على أنها تتعلق بإرادته ومشيئته، وأيضا تتفاضل. فمحبته للمؤمن القوي أعظم من محبته للمؤمن الضعيف.

ودل الحديث على أن الإيمان يشمل العقائد القلبية، والأقوال والأفعال، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة ; فإن الإيمان بضع وسبعون شُعْبَةً، أَعْلَاهَا: قَوْلُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) وَأَدْنَاهَا: إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ منه. وهذه الشعب التي ترجع إلى الأعمال الباطنة والظاهرة كلها من الإيمان. فمن قام بها حق القيام، وكمل نفسه بالعلم النافع والعمل الصالح، وكمل غيره بالتواصي بالحق، والتواصي بالصبر: فهو المؤمن القوي الذي حاز أعلى مراتب الإيمان، ومن لم يصل إلى هذه المرتبة: فهو المؤمن الضعيف.
وهذا من أدلة السلف على أن الإيمان يزيد وينقص، وذلك بحسب علوم الإيمان ومعارفه، وبحسب أعماله.
وهذا الأصل قد دل عليه الكتاب والسنة في مواضع كثيرة.

ولما فاضل النبي صلى الله عليه وسلم بين المؤمنين قويهم وضعيفهم خشي من توهم القدح في المفضول، فقال: «وفي كل خير» وفي هذا الاحتراز فائدة نفيسة، وهي أن على من فاضل بين الأشخاص أو الأجناس أو الأعمال أن يذكر وجه التفضيل، وجهة التفضيل. ويحترز بذكر الفضل المشترك بين الفاضل والمفضول، لئلا يتطرق القدح إلى المفضول وكذلك في الجانب الآخر إذا ذكرت مراتب الشر والأشرار، وذكر التفاوت بينهما. فينبغي بعد ذلك أن يذكر القدر المشترك بينهما من أسباب الخير أو الشر. وهذا كثير في الكتاب والسنة.
وفي هذا الحديث: أن المؤمنين يتفاوتون في الخيرية، ومحبة الله والقيام بدينه وأنهم في ذلك درجات {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} [الأحقاف: 19]
ويجمعهم ثلاثة أقسام: السابقون إلى الخيرات، وهم الذين قاموا بالواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات، وفضول المباحات، وكملوا ما باشروه من الأعمال، واتصفوا بجميع صفات الكمال. ثم المقتصدون الذين اقتصروا على القيام بالواجبات وترك المحظورات، ثم الظالمون لأنفسهم، الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «احرص على ما ينفعك واستعن بالله» كلام جامع نافع، محتو على سعادة الدنيا والآخرة.
والأمور النافعة قسمان: أمور دينية، وأمور دنيوية.
والعبد محتاج إلى الدنيوية كما أنه محتاج إلى الدينية. فمدار سعادته وتوفيقه على الحرص والاجتهاد في الأمور النافعة منهما، مع الاستعانة بالله تعالى، فمتى حرص العبد على الأمور النافعة واجتهد فيها، وسلك أسبابها وطرقها، واستعان بربه في حصولها وتكميلها: كان ذلك كماله، وعنوان فلاحه. ومتى فاته واحد من هذه الأمور الثلاثة: فاته من الخير بحسبها.
فمن لم يكن حريصا على الأمور النافعة، بل كان كسلانا، لم يدرك شيئا. فالكسل هو أصل الخيبة والفشل. فالكسلان لا يدرك خيرا، ولا ينال مكرمة، ولا يحظى بدين ولا دنيا ومتى كان حريصا، ولكن على غير الأمور النافعة: إما على أمور ضارة، أو مفوتة للكمال كان ثمرة حرصه الخيبة، وفوات الخير، وحصول الشر والضرر، فكم من حريص على سلوك طرق وأحوال غير نافعة لم يستفد من حرصه إلا التعب والعناء والشقاء.
ثم إذا سلك العبد الطرق النافعة، وحرص عليها، واجتهد فيها: لم تتم له إلا بصدق اللجأ إلى الله ; والاستعانة به على إدراكها وتكميلها وأن لا يتكل على نفسه وحوله وقوته، بل يكون اعتماده التام بباطنه وظاهره على ربه. فبذلك تهون عليه المصاعب، وتتيسر له الأحوال، وتتم له النتائج والثمرات الطيبة في أمر الدين وأمر الدنيا، لكنه في هذه الأحوال محتاج – بل مضطر غاية الاضطرار – إلى معرفة الأمور التي ينبغي الحرص عليها، والجد في طلبها.
فالأمور النافعة في الدين ترجع إلى أمرين: علم نافع، وعمل صالح.

أما العلم النافع: فهو العلم المزكي للقلوب والأرواح، المثمر لسعادة الدارين. وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث وتفسير وفقه، وما يعين على ذلك من علوم العربية بحسب حالة الوقت والموضع الذي فيه الإنسان، وتعيين ذلك يختلف باختلاف الأحوال. والحالة التقريبية: أن يجتهد طالب العلم في حفظ مختصر من مختصرات الفن الذي يشتغل فيه. فإن تعذر أو تعسر عليه حفظه لفظا، فليكرره كثيرا، متدبرا لمعانيه، حتى ترسخ معانيه في قلبه. ثم تكون باقي كتب هذا الفن كالتفسير والتوضيح والتفريع لذلك الأصل الذي عرفه وأدركه، فإن الإنسان إذا حفظ الأصول وصار له ملكة تامة في معرفتها هانت عليه كتب الفن كلها: صغارها وكبارها. ومن ضيع الأصول حرم الوصول.
فمن حرص على هذا الذي ذكرناه، واستعان بالله: أعانه الله، وبارك في علمه، وطريقه الذي سلكه.
ومن سلك في طلب العلم غير هذه الطريقة النافعة: فاتت عليه الأوقات، ولم يدرك إلا العناء، كما هو معروف بالتجربة. والواقع يشهد به، فإن يسر الله له معلما يحسن طريقة التعليم، ومسالك التفهيم: تم له السبب الموصل إلى العلم.

وأما الأمر الثاني – وهو العمل الصالح (ماهيته) -: فهو الذي جمع الإخلاص لله، والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو التقرب إلى الله: باعتقاد ما يجب لله من صفات الكمال، وما يستحقه على عباده من العبودية، وتنزيهه عما لا يليق بجلاله، وتصديقه وتصديق رسوله في كل خبر أخبرا به عما مضى، وعما يستقبل عن الرسل، والكتب والملائكة، وأحوال الآخرة، والجنة والنار، والثواب والعقاب وغير ذلك. ثم يسعى في أداء ما فرضه الله على عباده: من حقوق الله، وحقوق خلقه ويكمل ذلك بالنوافل والتطوعات، خصوصا المؤكدة في أوقاتها، مستعينا بالله على فعلها، وعلى تحقيقها وتكميلها، وفعلها على وجه الإخلاص الذي لا يشوبه غرض من الأغراض النفسية. وكذلك يتقرب إلى الله بترك المحرمات، وخصوصا التي تدعو إليها النفوس، وتميل إليها. فيتقرب إلى ربه بتركها لله، كما يتقرب إليه بفعل المأمورات، فمتى وفق العبد بسلوك هذا الطريق في العمل، واستعان الله على ذلك أفلح ونجح. وكان كماله بحسب ما قام به من هذه الأمور، ونقصه بحسب ما فاته منها.

وأما الأمور النافعة في الدنيا: فالعبد لا بد له من طلب الرزق. فينبغي أن يسلك أنفع الأسباب الدنيوية اللائقة بحاله. وذلك يختلف باختلاف الناس، ويقصد بكسبه وسعيه القيام بواجب نفسه، وواجب من يعوله ومن يقوم بمؤنته، وينوي الكفاف والاستغناء بطلبه عن الخلق. وكذلك ينوي بسعيه وكسبه تحصيل ما تقوم به العبوديات المالية: من الزكاة والصدقة، والنفقات الخيرية الخاصة والعامة مما يتوقف على المال، ويقصد المكاسب الطيبة، متجنبا للمكاسب الخبيثة المحرمة. فمتى كان طلب العبد وسعيه في الدنيا لهذه المقاصد الجليلة، وسلك أنفع طريق يراه مناسبا لحاله كانت حركاته وسعيه قربة يتقرب إلى الله بها.
ومن تمام ذلك: أن لا يتكل العبد على حوله وقوته وذكائه ومعرفته، وحذقه بمعرفة الأسباب وإدارتها، بل يستعين بربه متوكلا عليه، راجيا منه أن ييسره لأيسر الأمور وأنجحها، وأقربها تحصيلا لمراده، ويسأل ربه أن يبارك له في رزقه: فأول بركة الرزق: أن يكون مؤسسا على التقوى والنية الصالحة. ومن بركة الرزق: أن يوفق العبد لوضعه في مواضعه الواجبة والمستحبة. ومن بركة الرزق: أن لا ينسى العبد الفضل في المعاملة، كما قال تعالى: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237] بالتيسير على الموسرين، وإنظار المعسرين، والمحاباة عند البيع والشراء، بما تيسر من قليل أو كثير، فبذلك ينال العبد خيرا كثيرا.

فإن قيل: أي المكاسب أولى وأفضل؟
قيل: قد اختلف أهل العلم في ذلك، فمنهم من فضل الزراعة والحراثة، ومنهم من فضل البيع والشراء، ومنهم من فضل القيام بالصناعات والحرف ونحوها. وكل منهم أدلى بحجته، ولكن هذا الحديث هو الفاصل للنزاع، وهو أنه صلى الله عليه وسلم قال: «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله» والنافع من ذلك معلوم أنه يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، فمنهم من تكون الحراثة والزراعة أفضل في حقه، ومنهم من يكون البيع والشراء والقيام بالصناعة التي يحسنها أفضل في حقه، فالأفضل من ذلك وغيره الأنفع.
فصلوات الله وسلامه على من أعطي جوامع الكلم ونوافعها.

ثم إنه صلى الله عليه وسلم حض على الرضى بقضاء الله وقدره، بعد بذل الجهد، واستفراغ الوسع في الحرص على النافع. فإذا أصاب العبد ما يكرهه، فلا ينسب ذلك إلى ترك بعض الأسباب التي يظن نفعها لو فعلها، بل يسكن إلى قضاء الله وقدره ليزداد إيمانه، ويسكن قلبه وتستريح نفسه ; فإن ” لو ” في هذه الحال تفتح عمل الشيطان بنقص إيمانه بالقدر، واعتراضه عليه، وفتح أبواب الهم والحزن المضعف للقلب. وهذه الحال التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم هي أعظم الطرق لراحة القلب، وأدعى لحصول القناعة والحياة الطيبة، وهو الحرص على الأمور النافعة، والاجتهاد في تحصيلها، والاستعانة بالله عليها، وشكر الله على ما يسره منها، والرضى عنه بما فات، ولم يحصل منها.
واعلم أن استعمال ” لو ” يختلف باختلاف ما قصد بها، فإن استعملت في هذه الحال التي لا يمكن استدراك الفائت فيها، فإنها تفتح على العبد عمل الشيطان، كما تقدم، وكذلك لو استعملت في تمني الشر والمعاصي فإنها مذمومة، وصاحبها آثم، ولو لم يباشر المعصية، فإنه تمنى حصولها.
وأما إذا استعملت في تمني الخير، أو في بيان العلم النافع، فإنها محمودة؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
وهذا الأصل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وهو الأمر بالحرص على الأمور النافعة، ومن لازمه اجتناب الأمور الضارة مع الاستعانة بالله يشمل استعماله والأمر به في الأمور الجزئية المختصة بالعبد ومتعلقاته، ويشمل الأمور الكلية المتعلقة بعموم الأمة. فعليهم جميعا أن يحرصوا على الأمور النافعة، وهي المصالح الكلية والاستعداد لأعدائهم بكل مستطاع مما يناسب الوقت، من القوة المعنوية والمادية، ويبذلوا غاية مقدورهم في ذلك، مستعينين بالله على تحقيقه وتكميله، ودفع جميع ما يضاد ذلك. وشرح هذه الجملة يطول وتفاصيلها معروفة.

وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بين الإيمان بالقضاء والقدر، والعمل بالأسباب النافعة، وهذان الأصلان دل عليهما الكتاب والسنة في مواضع كثيرة، ولا يتم الدين إلا بهما، بل لا تتم الأمور المقصودة كلها إلا بهما، لأن قوله «احرص على ما ينفعك» أمر بكل سبب ديني ودنيوي، بل أمر بالجد والاجتهاد فيه والحرص عليه، نية وهمة، فعلا وتدبيرا.
وقوله: «واستعن بالله» إيمان بالقضاء والقدر، وأمر بالتوكل على الله الذي هو الاعتماد التام على حوله وقوته تعالى في جلب المصالح ودفع المضار، مع الثقة التامة بالله في نجاح ذلك. فالمتبع للرسول صلى الله عليه وسلم يتعين عليه أن يتوكل على الله في أمر دينه ودنياه، وأن يقوم بكل سبب نافع بحسب قدرته وعلمه ومعرفته والله المستعان.

بقلم العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى