بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَــٰنِ الرَّحِيمِ
السَّلام عليكنَّ ورحمةُ اللهِ وبركاته
سُئِلَ الإمام المُجاهد / ربيع بن هاديّ المدخليّ ـ حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى وَوفَّقَهُ ـ: هل مِنْ نصيحة يا شيخ! إلى مَنْ يذهب إلى مجالس أهل الأهواء، وحضور محاضراتهم، والسَّلام عليهم، لكي يتأكَّد ممَّا يقولون ويُجادلهم؟
فأجابَ: هذا غالبًا يذهب يُصبح حزبيّ، إمَّا للتَّبليغ، أو طائفة صوفيَّة، أو طائفة رافضيَّة، أو جهميَّة، لا بدَّهذا الصِّنف يُعاقبهم الله عَزَّ وَجَلَّ لأنَّهم خالفُوا هَدْيِ مُحمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلاة والسَّلام وتوجيهاته، وخالفوا هَدْيِ السَّلف وغامرُوا بدينهم، فهؤلاء غالبًا ما يضيعون ويلتحقون بأحزاب الشَّرّ.
«ابن عقيلٍ»: جبل مِنَ الجبال في الذَّكاء والعُمق والعلم، نصحوهُ أنْ لا يذهب مع المعتزلة؛ ذهب إليهم فصار معتزليًا.
«أبُو ذَرٍّ»: مِنْ تلاميذ الدَّارقطني، إمام في السُّنَّة، سَمِعَ كلمةً أخذتهُ راح فصارَ أشعريًّا.
«عبد الرَّزَّاق»: جالسَ جعفر ابن سُليمان الضَّبعي، جالسهُ وعندهُ تشيُّع؛ فانْتقل ذهب إلى التَّشيُّع، والتفت إليه فأصبحَ المسكين مِنَ الشِّيعة؛ لكن! تشيُّعه ليسَ غليظًا، لا نظلمهُ، لكن وقعَ وتأثَّر.
فالَّذي يُجالس أهل الباطل: لا بدَّ أنْ يتأثَّر رغم أنفه؛ مهما اِدَّعى لنفسه، لا بدَّ أنْ يتأثَّر لأنَّ الرَّسول الصَّادق المصدوق عَلَيْهِ الصَّلاة والسَّلام حذَّر وقالَ: ((إنَّما مثل الجليس الصَّالح وجليس السُّوء: كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك: إمَّا أنْ يُحذيك، وإمَّا أنْ تبتاع منه، وإمَّا أنْ تجد منه ريحًا طيبةً، ونافخ الكير: إمَّا أنْ يُحرق ثيابك، وإمَّا أنْ تجد منهُ ريحًا خبيثةً)).
يعني: الجليس الصَّالح ـ ما شاء الله ـ له ثلاث حالات كلَّها خيرٌ:
• فإمَّا أنْ يُحذيك، ويقدِّم لك هدية، تفضل، طيَّبك، يقدِّم لكَ علبة، يُعطيك.
• وإمَّا أنْ تبتاع منه، أيْ: تشتري منه، اِسْتفدت منه، وهذا خيرٌ، لم تشتري خمرًا ولا شيئًا مُحرَّمًا بل اِشْتريت شيئًا طيِّبًا يحبُّه اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مطلوبٌ منك في الصَّلاة، مطلوبٌ منك عند دخول المساجد، فهذا اِستفدت منه.
• وإمَّا تجد منهُ ريحًا طيِّبةً، وهذا خير.
«وجليس السُّوء كنافخ الكير»: إمَّا أنْ يُحرق ثيابك، وإمَّا أنْ تجد منهُ ريحًا مُنْتنةً يُمكن يُصيبك بسرطان، أو مرض، أو أيِّ شيءٍ، والعياذُ بالله.
فـ«جليس السُّوء»: لا بدَّ أنْ ينالك منهُ سوءٍ وشرٍّ،((والمرءُ عَلَى دين خليله، فلينظر أحَدكم مَنْ يُخالل)). ﴿الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ ﴿الزُّخرف: 67﴾.
أهل الأهواء والبِدع ليسوا مِنْ هؤلاء، عندك الآيات والأحاديث تحذِّر، وأنت تقول: لا، أمشي. مَنْ أعطاك العصمة؟!
إذا كان الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام يحذِّر الصَّحابة، والسَّلف كانُوا أئمَّة مثل الجبال يسدُّون آذانهم، ولا يُريدون أنْ يسمعوا لأهل البدع.
أمَّا أنَّك تذهب وتزوره، وتُحضر المحاضرات، يُصيبك مِنْ شرره، ومِنْ دُخَّانه، ومِنْ نفثه، نحنُ جرَّبنا كثيرًا، جرَّبنا الكثير، أكثر مِنْ ثلاثين سنة نحنُ مجرَّبين، هؤلاء المغرورون ضاعوا وتاهوا، نهايتهم محتومة؛ يُضيعون، نسأل الله العافية.
مهما بلغ مِنَ الذَّكاء فإنَّ الله يعاقبه، نقولُ لهُ: ذكاءك لا ينفعك! لا بدَّ أنْ تبذل الأسباب في حماية هذا الدِّين الَّذي أعطاك الله، وتُحافظ عليه، هذه نعمة لا تلعب فيها.
الآن مَنْ ترون مِنَ الحزبيِّين ـ في هذهِ البلاد ـ كلُّهم أصلهم سلفيِّين في هذه البلاد؛كلُّهم ضاعُوا بسبب: المخالطة، والمعاشرة، والقراءة، والسَّماع لأهل الأهواء.
كلَّ مَنْ ترونه الآن ويُقال عنهم: فُلانٌ حزبيٌّ، وفُلانٌ حزبيٌّ؛ كلُّهم ما ضاعوا إلَّا بهذه الوسيلة، يأخذون بهذه النَّظريَّة: «آخذ الحقَّ، وأترك الباطلَ»؛ فيأخذ الباطلَ ويترك الحقَّ ويُصبح عدوًّا للحقِّ حربًا عَلَى أهله!.اهـ.